لا أرْمـــــــقُ الظِّلَّ الكـئيبَ ولا أرَى ــــــ
مَا في قَرارِ الهُوَّةِ السَّــــــــــوداءِ
غَرِداً وتلكَ سَـــــــــعادةُ الشعَراءِ
وأذيبُ روحَ الكَوْنِ في إنْشَــــائي
وأُصيــــــخُ للصَّــــوتِ الإِلهيِّ الَّذي ــــــــ
ـ يُحْيي بقـــــــــــلبي مَيِّتَ الأَصْداءِ
وأقــولُ للقَــــــدَرِ الَّــــــذي لا ينثني
ـــــــــ عَنْ حَرْبِ آمـــــــــــالي بكلِّ بَلاءِ
لا يُطْفِئُ اللَّهـــــبَ المؤجَّجَ في دمي
ـــــــــ موجُ الأســى وعواصفُ الأرزاء
فـــاهدمْ فؤادي ما اســــــتطعتَ فإنَّهُ ـــــــــ
ســــــيكون مثلَ الصَّخرة الصَّمَّاءِ
لا يعـرفُ الشَّــــــكوى الذليلَة والبكا
ـــــــــ وضراعَة الأَطفـــــــالِ والضّعفاءِ
ـــــــــ بالفجر، بالفجرِ الجميــــــــلِ النَّائي
إِمـــــلأْ طريقي بالمخـاوفِ والدُّجى
ـــــــــ وزوابعِ الأَشــــــــواكِ والحصباءِ
وانْشـــــر عـــليه الرُّعب وأثر فوقه
ـــــــــ رُجُمَ الرَّدى وصواعقَ البأســــاءِ
سَــــأَظلُّ أمشــي رغمَ ذلك عـــازفاً ـــــــــ
قيثــــــــــــــــارتي مترنِّماً بغنائي
أَمشــــــــي بروحٍ حـــــــالمٍ متَوَهِّجٍ ـــــــــ
في ظُـــــــــــــلمةِ الآلامِ والأَدواءِ
النُّــــــور في قلبي وبيـــنَ جوانحي ـــــــــ
فَعَلامَ أخشى السَّــــيرَ في الظلماءِ
إنِّي أنـــــــــا النَّايُ الَّـــذي لا تنتهي ـــــــــ
أنغامُـــــــــــــهُ ما دام في الأَحياءِ
وأنــــا الخِضَمُّ الرحْبُ ليـــس تزيدُهُ ـــــــــ
إلاَّ حياةً سَــــــــــــــــطْوةُ الأَنواءِ
عُمُري وأخرسَـــــــتِ المنيَّةُ نائي
قد عاش مِثْلَ الشُّـــــــعْلَةِ الحمراءِ
عن عــــــــــــالمِ الآثامِ والبغضاءِ
وأرتـــوي من مَنْهَـــــــلِ الأَضواءِ
ــــــــ هَــــدْمي وودّوا لو يخرُّ بنـــــــائي
فتخيَّــــــلوا أَنِّي قضيْتُ ذمَـــــــائي
وجدوا ليشــــــوُوا فوقَهُ أشـــــلائي
ومضَــــوْا يَمُدُّونَ الخُـــوَانَ ليأكلوا ـــــــــ
لحمي ويرتشــــــــــفوا عليه دِمائي
ـــــــــوعلى شـــــفاهي بَسْمَةُ اســـــتهزاءِ
والنَّــــــــــارُّ لا تأتي على أعضائي
يا مَعْشَـــــــرَ الأَطفالِ تحتَ سَمائي
بالهـــــــــــــــولِ قلْبُ القبَّةِ الزَّرقاءِ
فـــــوقَ الزَّوابعِ في الفَضــاءِ النَّائي
خَــــوْفَ الرِّيـــــاحِ الْهُوجِ والأَنواءِ
غَثَّ الحـــــــــــديثِ وميِّتَ الآراءِ
وتجـــــــــاهَروا ما شـــــئتمُ بعِدائي
والشَّـــمسُ والشَّــــفقُ الجميل إزائي
مَنْ جَـــــــاشَ بالوحي المقدَّسِ قلبُه
ــــــــ لم يحتفــــــــل بحِجَــــــــــارةِ الفَلتاءِ
نشيد الجبار أو هكذا غنى بروميثيوس (قصيدة)
"رغم الداء والأعداء سأبقى كالنسر فوق القمة الشماء.."
وترنَّموا ـ ما شئتمُ ـ بِشَتَائمي وتجاهَرُوا ـ ما شئتمُ ـ بِعدائي
أراد بها الشاعر أن تكون عنوانا وفاتحة لقصيدته في قيم النبل والتحدي والانتصار، أمام كرّات ومعوقات الحياة.. هذا ما أراده الشابي وعنونه ب "هكذا غنى بروميثيوس" ونشيد الجبار.
نلاحظ تقديرا للذات الإنسانية عند الشاعر بالاعتزاز بقيم ومشاعر النبل، مع حظور الأنا الشاعرية إذا ما نظرنا إلى حشد الشابي إلى كل ما يعبّر عن نبل النفس وفخره بالذات انطلاقا من تلك المكارم الأخلاقية، وتحديه للدهر وعدم الاستسلام للأعداء، الذين اسثصغر وضاعتهم واحتقار الكراهية التي يحملونها اتجاهه، دون أن يكرههم وإنما ينظر إلى تصرفاتهم من فوق وتعالي، دون أي حقد أوكراهية منه، وإنما هو يشفق لحالهم وكأنهم أطفال يرمون حجارة لا تصل إليه ولا تخدش من نبله وعزيمته وإصراره على نور الحياة.. في قوله هنا:
"وَعلى شِفاهي بَسْمة اسْتِهزاءِ"
وقوله:
"إنَّ المعاوِلَ لا تهدُّ مَناكِبي
والنَّارَ لا تَأتي عَلَى أعْضائي
فارموا إلى النَّار الحشائشَ..،
والعبوا يا مَعْشَرَ الأَطفالِ تحتَ سَمائي
ارموا على ظلّي الحجارة،
واختفوا خَوْفَ الرِّياحِ الْهوجِ والأَنواءِ..
وتظهر قوة عاطفة الشاعر في لازمة قصيدته التي فتحها ب:
سأعيش رغم الداء والأعداء
كالنسر فوق القمة الشماء
التي استعمل فيها الشابي وسائل بلاغية كثيرة ومتنوعة اختار لها البحر الكامل حيث تتكرر التفعيلة (متفاعلن ۔ متفاعلن - متفاعلن) ست مرات في كل بيت، وهو ما يدل على الرحابة والسعة والتواصل والاستمرارية والاطّراد، وهذا النوع من التفعيلة يعطى إتساعا للنفس في التعبير ورحابة إيقاعها التنغيمي، مما يفسح ويسمح بمساحة للتعبير عما يخالج النفس من مشاعر وأحاسيس وأفكار مع إيقاع موسيقي منسجم ومتوازن، يستوعب شموخ وعمق جوارح ومكارم الشابي ونبل نفسه الإنساني التي ترتقي عن أحقاد وضغائن الأعداء الذي استصغر بعقولهم ونفوسهم الكريهة التي ملؤعا الحقد والعنف إلى حد تهميشهم بسبب عدم اكتمال أو النقص في نضجهم الوجداني.
كلها سمات ساهمت وأبرزت تجربته الإبداعية من تنوع في التعبير وتنوع الأساليب والصورالدلالية المعبرة، مع حضور الفكر الإغريقي الأسطوري، كلها عوامل استطاعت إيصال ثورة الشابي الذاتية والحماسية التحررية إلى انبثاق أدبي وفكري لا يخلو من جمالي والمشاعر والحس العاطفي القوي.. كيف لا وهو القائل في النشيد الوطني التونسي:
*إذا الشعب يوما أراد الحياة.. فلابد أن يستجيب القدر
*ولابد لليل أن ينجلي.. ولابد للقيد أن ينكسر
..
*القصيدة والشاعر:
وهذه القصيدة من البحر الكامل كأنها البحر في أعماقه الذر من جمالية الأسلوب وقوته، وسمات الصمود والتحدي وحب الحياة والارتقاء عن أوباش البشر وكراهيتهم، الذين وصفهم بأخلاق العبيد والاستعباد والعتمة، باستعمال اسطورة قبس النار والتحدي من أجل الحب، حب مشاركة الإنسان عوالم الأنوار والمعرفة..
يمكن اعتبار ما دونه الشاعر العراقي فالح الحجية عن الشابي في كتابه المعنون ب"شعراء النهضة" خير إسقاط على مكنونات وشخصية الشابي النفسية الشاعرية وأجمل وصف لتلك المعاني الأدبية الإنسانية والعاطفبة الشاعرية التحررية عند الشاعر ب: "...شاعر وجداني وهو برغم صغر سنه شاعر مجيد مُكثر يمتاز شعره بالرومانسية فهو صاحب لفظة سهلة قريبة من القلوب وعبارة بلاغية رائعة يصوغها بأسلوب أو قالب شعري جميل فهو بطبيعته يرنو إلى النفس الإنسانية وخوالجها الفياضة من خلال توسيعه لدائرة الشعر وتوليد ومسايرة نفسيته الشبابية في شعر جميل وابتكار أفضل للمواضيع المختلفة بحيث جاءت قصيدته ناضجة مؤثرة في النفس خارجة من قلب معني بها ملهما إياها كل معاني التأثر النفسي بما حوله من حالة طبيعية مستنتجا النزعة الإنسانية العالية لذا جاء شعره متأثرا بالعالمين النفسي والخارجي".
مساحة، لأكتب ما أريد! دون أن أُضاجع الأساليب ودون أن أقبّل الكلمات!!
ردحذفنفسي تتعفف عن عهر القلم…
روعه تسلم يمينك
لروحك الكريستال
محمد بو علام
ردحذفانعشتنى صباحا بشعر شد كل مشاعرى واحساسى واناابادلك التحية بهذا النظم الشعرى الذى يتفق ويتوافق مع اشعار الشابى
It is this deep blankness is the real thing strange
the more things happen to you the more you you can,t
tell or remember even what they were
اشكر وصلك معى الذى ارجو ان يكون دائما
تحياتي الخالصة بعبرة حب وصفاء الى الأشقاء
ردحذفبكيت
ردحذفوااااو
ردحذف