النافذة في زمن الوباء
The time, the window, the book in the Corona time
A house without books is like a room without windows.
In the Corona time open your window and open your book then fly by your thoughts & meditation.. Life will go on..
كم أحب هذه النافذة المفتوحة على الآفاق، أعود إليها كلما أطوي صفحة من هذا الكتاب (الحب في زمن الكوليرا)، أو كلما أردت أن أحتسي كوبا من الشاي أو القهوة أو كأسا من مدام عتيد، وأعود إليها لأنفث دخان سجارة في الوقت العصيب، لأنفث معها بعض الأشياء التي يرفضها كياني كأفكار ذلك المحتال وحقارة العيّاش في بلاد مؤخرة الديكتاتور، وكأني أتبول على حقارتها ثم أطلق العنان لبصري ومخيلتي معه، على آفاق هذه النافذة، لأرى العالم الفسيح وفق ذالك القاع من الحضيض، وفي الليل بريق النجوم اللامتناهية.. كأنها مصابيع غرفة أنيقة تلهم في عقلي أفكارا كثيرة وطاقة تدعمني من الكون عبر هذه النافذة. وكم من قرارات ومواقف كثيرة غيرتها وأنا أتنفس أوكسجين الحياة على هذه المستديرة الدائرة في فسيح هذا الكون.
عبر هذه النافذة ذكريات طويتُ صفحاتها، ونفثُّ من الصور على ذاكرتي أنواع أخرى من البشر لا تجدي نفعا للروح والصداقة معرفتها، لأن كثيرا منهم يضعون أنفسهم مجرد أرقام أو سلع أو حاويات لأفكار صناعة القطيع والجبن الانتهازي وكأن الحياة لا مراد فيها من معاني إلا التقاط وتجميع الحبوب على طريقة صناعة تربية الدواجن.
هؤلاء فلا بد للنفس أن تطوي صورهم الرديئة كما تطوي كتابا غير مفيد منذ الصفحات الأولى، وتتوقف عن قراءة باقي السطور الرديئة، بعد استنتاجك لخلاصة: أنه متجاوز ولم يعد يجدي ولا يفيد، إلى ذلك الحد تتوقف في الوقت المناسب، عندما يحدِّثك حدسُك ومشاعرك الموثوقة لديك في وطن الموروس الذي تمشي فيه بشر كأرقام حياتهم وعقولهم كالحاويات، ولكي لا تكون حاوية مثلهم لنفايات الآخرين، فلا تضع وجدانك بينهم كي لا تخسر نفسك.. ففي تلك الحاويات لا يوجد حب ولا معاني نحيا بها إنسانيين نساءا ورجالا أحرار.
فكم أحتقر هؤلاء النوع من البشر، كأنهم حاويات يملؤونها بما شاؤوا، أحيانا بالسخافة وأحيانا بالحقد والعنف والكراهية وطبقات متعفنة من العبودية وتقديس كل مريض يعلن نفسه الملهم والمقدس والنافع الباني ويبني مجدا لنفسه في أوهامه على زوبعة فنجان الوطن بالأكاذيب ومسخ البشر إلى حاويات لخرائياته.
كل ذلك في زوبعة لا تتعدى فنجانه الصغير، تكون فيه مؤخرة الديكتاتور التافه هي من تحرك المياه العكرة في فنجانهم المظحك عندما يبدوا لك كاملا من بعيد على حقيقته السخيفة.
فلا تضع وجدانك يترابط مع نفوس كالحاويات، كي ترقى عن زوبعة ذلك الفنجان الذي تحرك فيه مؤخرة الديكتاتور التافه زوابع مياه عكرة يكابر فيها حثالات البشر فوق المنطق والأعراف الإنسانية التي صُنعت وطُوِّرت عبر التاريخ بتضحيات لن يفهمها أولائك الذين لم ولن يرتقوا لدرجة الإنسان.
إن أكثر ما يؤذي الروح أن تكون عالقة في مكان شاحب لا تنتمي إليه.
____________________________________________________________