:تأملات
تأملات في صور وتصورات الكون: مليار في مليار في مليار، ونظرية الأكوان المتعددة، تابعو الصور أدناه إلى النهاية:
أمام شساعة ورحابة الكون يجب أن يدرك عقلك وعقلك الباطن المضطهد أن كل ديكتاتور الذي يؤلّه ويقدس ويعظّم نفسه منفتح بالغرور وجنون العظمة والأبهة الفارغة كالبالون المنتفخ بالهواء، يرهب الناس وينهب ثرواتهم، ماهو إلا مجرد حشرة مجنونة وكرة خراء من النّرجسية والهمجية تسلطت على كواهل شعب منهوك أصيب بلازمة التخلف.
تمعّنوا في صور الكون يا أصدقاء، فالإنسان مازال عالقا بمراصده في كوكب الأرض وأبعد نقطة خرج منها المسبار فواياجر بعد 30 سنة من السفر هي إلى حدود النظام الشمسي، فقد استعانت ناسا بالكواكب المجاورة للأرض، لزيادة سرعة المسبار فوياجر في مساره باستغلال عامل الجاذبية من الكواكب المجاورة، لإكساب المسبار دفعة مقلاعية تزيد من سرعته إلى 19 كيلومتر في الثانية، ومع ذلك بهذه السرعة الهائلة لم يتجاوز إلا الحدود المجاورة للمجموعة الشمسية، وهي حبة من محيط شاسع على مجرة درب التبانة..
وفي هذه السلسلة الهائلة، تخيل أن النظام الشمسي ما هو إلا كالحبة الصغيرة في مجرة التبانة، التي تضم ملايير النجوم والكواكب التي تدور بدورها في أنظمة كوكبية أخرى مستقلة عن مجموعتنا الشمسية حيث كويكب الأرض، كل ذلك الكم الهائل في مجرة كبيرة (درب التبانة) بين أعداد هائلة من مجرات أخرى في كون شبكي يضم هذا الكم الهائل من المجرات، وكل مجرة مستقلة بذاتها تدور في نظامها وقوانينها وجاذبيتها الخاصة..
كل هذه الملايير من النجوم والكواكب والأنظمة الشمسية والمجرات تدور في الكون بنسق مستمر..
حلقات السلسلة لم تنتهي عند حدود هذا الكون:
كل ذلك في "كون" عملاق فسيح بشكل مهول جدا، مليء بالنجوم والكواكب والمجرات، كالبالون المرتفع، كون هو أيضا مستقل بذاته عن أكوان أخرى، كاستقلال المجرات عن بعضها البعض، كل كون بنظامه وقوانينه الخاصة وكأنه بالون إلى جانب ملايير البالونات الأخرى.. المستقلة عن بعضها كل بأنظمته وقوانينه..
وهو ما يصطلح عليه:
بنظرية الأكوان المتعددة..
The multiverse
__________________
فنحن لا شيء في هذا الكون اللامتناهي الفسيح جدا وخارج كل نظام تجد نظام مستقل عن ذاته خارج كل مجموعة شمسية تجد مجموعة أخرى وخارج كل مجرة تجد مجرة أخرى وخارج هذا الكون تجد أكوان أخرى بقوانينها وأنظمتها الفيزيائية الخاصة..
لذلك قد نختلف مع فكرة الإله الإبراهيمي ولكن الحسم أو النفي في مسألة نظريتي الخلق والصدفة (لن أستعمل مصطلح نظرية التطور لأنها بيولوجية متعلقة بكويكب الأرض ومسألة وجود البشر والحياة الإحيائية على الأرض، أكثر ما هي كونبة فيزيائية متعلقة بالفضاء الخارجي) تبقى أمرا صعب الإدراك رغم كل هذا التطور الذي حققته العلوم الإنسانية إلا أنها لم تخرج لحدود اليوم من حبة شاطيء في بحر فسيح وهي مجرة التبانة وماجورها من حدود قريبة..
ولهذا فمن التواضع استعمال مصطلح أغنوستيك agnostic أدق من مصطلح ملحد atheist.. خصوصا أولائك الذين يرفضون روايات على النسق الإله الإبراهيمي، اللوهيم وما قبله من رويات عن الزرادشتية أو كريشنا في الهندوسية ذات تأثيرات متتالية من الأقدم فالأحدث، عرفت تطورا، من الحضارات القديمة إلى ظهور الديانات الإبراهيمية مرورا باليهودية ثم المسيحية إلى الرواية على النسق الإسلامي.
وماهي إلا ابتكارات بشرية للرد على الحاجيات والتساؤلات الوجدانية للبشر.. هذا الهوموسابيينس الذي تغلب على جميع أنواع البشر "الهومو" بما فيه "الهوموديني" و "النيوديرتال" من النوع البشري الذكي ذو البنية القوية الذي استعمل لغة متطورة..
ولكن الهوموسابيينس تميز بعامل التواصل والاجتماعية، وحظور باحة الخيال بقوة في تكوينه العقلي/النفسي/العصبي، وهي سبب ظهور مجال الفنون والأدب في حياة الإنسان، وهي السبب في ظهور العامل الديني قديما عند الإنسان العاقل-الهوموسابيينس، كلما عجز عن إيجاد تفسير عقلي علمي منطقي للظواهر الطبيعية التجأ إلى الدين.. نفس الأمر بالنسبة للتساؤلات الوجودية..
أننا نحن "الهوموسابيينس" الإنسان العاقل من نوع البشر "الهومو"، بصراعاتنا وحروبنا تافهون جدا بالمُقارنة مع أبعاد الكون التي لا يدرك بشر إلى أي مدى هي أبعاد حدودها...
(تعليق المدون محمد بوعلام عصامي)
____________________