عن اكتشاف مقابر جماعية بالمئات لأطفال من السكان الأصليين (الهنود الحمر) في مدارس كنسية بكندا..
ما أثار انتباهي هو تدخل اليسار الكندي في شخص الرجل الأبيض بنفس القوة التي تدخل فيها إثر مقتل جورج فلويد بالولايات المتحدة ونفس القوة التي تدخل فيها أبراهام لنكلن لإسقاط العبودية وبنفس القوة التي تدخلت بها السمراء روزا باركس لاسقاط التمييز في الأماكن العمومية..
وهو أمر محير في الحضارة الغربية فهي تنتج القيم وفي نفس الوقت تنتج المآسي من قبيل العنصرية والفاشتستيات والنازية والإمبريالية والاستعمار..
لم أجد غير هذه العبارات في وصف تلك الحضارة المزدوجة العملة:
... وقد قاومنا عبر التاريخ "نحن معشر أحرار جنوب المتوسطيين" وحشية الرجل الأبيض منذ عهود تاكفاريناس ويوغرطن وهانيبال وصلاح الدين الأيوبي وعبد الكريم الخطابي وعمر مختار وغيرهم..
وهذا الرجل الأبيض من ذلك الشمال البعيد هو رجل محير عصي على الفهم.. رجل ذو عملتين، عملة إنسانية مرهفة وعميقة جدا، وعملة وحشية أنانية متعصبة ومتطرفة؛ عملة أنتجت أشرس الفاشستيات والنازيات وأنتجت أخبث وأكبر الحروب عبر التاريخ وهما الحربين العالميتين وإلقاء أخبث قنبلة وهي القنبلة النووية على مدينتي هيروشيما وناكزاكي لاستعراض القوة، بينما كان بالإمكان إنهاء الحرب بانتصار حاسم بدونها.. دون ذكر الكوارث البشرية والأخلاقية غير الإنسانية في إفريقيا جنوب الصحراء واللائحة طويلة جدا..
وهذا لا يعفي الإنسان في الجنوب المتوسطي وباقي العالم من المسؤوليات الأخلاقية فهم أيضا لهم سلبياتهم وكوارثهم من زوايا أخرى التي تقتضي الإصلاح والتطور والمراجعة.
وبما أن الرجل الأبيض متعدد الوجوه فهو نفسه يمكن أن يحارب تلك العملة الوحشية عندما يعي بوحشيته.. وهو يعيها إما عندما تكون أمامه قوة إنسانية موازية، أو بقوة العقل والحوار والتأثير الفكري والحضاري والتضحيات الإنسانية، تماما كما وقع له مع المسيح وهو أيضا من رجال الجنوب المتوسطي الذين واجهو تلك العملة الوحشية.. ذلك الجنوب الذي عانى كثيرا والذي ظل ولايزال قوة رافضة لتلك العملة الوحشية للرجل الأبيض.. عبر كل العصور.
__________ المدون محمد بوعلام عصامي
________________________________________________________________________________
توضيحات:
ماذا أقصد بالرجل الأبيض: لا يقصد بها اللون والملامح وإنما ذلك الإنسان الأوروبي الذي ترعرع في قارة أوروبا منذ دخول الهوموسابيانس إليها وتناقح مع النيوديرتال أو تصارع معه فهو تصنيف ثقافي جيني جغرافي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
كل منا يسعى بدون حواجز أن يكتب ويقول ما يشاء.
في تعليقك هنا اكتب ما شئت وعبّر عما شئت.. واعلم أن كلماتك تعبر بشكل أو بآخر عما لديك في ضميرك وعقلك وقلبك..
تقول الحكمة القديمة: تكلم حتى أراك!
مرحبا..