اخترنا لكم من ديوان شاعر الأسى وشاعر الحياة، أبو القاسم الشابي، الذي تُعتبر أشعاره إلهاما وطاقة واستنوارا تحرريا لدعاة الحرية ومناهضي أفكار العبودية والقمع الديكتاتوري الظلامي الرجعي للحكم الفردي والأوليغارشي والعائلي المطلق المعادي لسلطة الشعب في الحرية والقيم الديمقراطية الحداثية والإنسانية في ثلاثية شمال إفريقيا والشرق الأوسط وإفريقيا جنوب الصحراء التي تعيش شعويها شقاء الخيانة الداخلية وتأثيرات الإمبريالية الخارجية
"سأعيش رغم الدّاء والأعداء"
سَـــأعيشُ رَغْمَ الدَّاءِ
والأَعــــــداءِ ــ كالنَّسْر فوقَ القِمَّةِ الشَّــــــــــمَّاءِ
أرْنُو إلى الشَّــــــمْسِ المُضِيئةِ هازِئاً ـــــــ بالسُّـــــــحْبِ
والأَمطارِ والأَنواءِ
لا أرْمـــــــقُ الظِّلَّ الكـئيبَ ولا أرَى ــــــ
مَا في قَرارِ
الهُوَّةِ السَّــــــــــوداءِ
وأَســــــيرُ في دُنيـــا المَشَاعرِ حالِماً ـــــــــ
غَرِداً وتلكَ
سَـــــــــعادةُ الشعَراءِ
أُصْغي لمُـوســــــيقى الحَياةِ وَوَحْيِها ـــــــــ
وأذيبُ روحَ الكَوْنِ
في إنْشَــــائي
وأُصيــــــخُ للصَّــــوتِ الإِلهيِّ الَّذي ــــــــ
ـ يُحْيي
بقـــــــــــلبي مَيِّتَ الأَصْداءِ
وأقــولُ للقَــــــدَرِ الَّــــــذي لا ينثني
ـــــــــ عَنْ حَرْبِ
آمـــــــــــالي بكلِّ بَلاءِ
لا يُطْفِئُ اللَّهـــــبَ المؤجَّجَ في دمي
ـــــــــ موجُ الأســى وعواصفُ الأرزاء
فـــاهدمْ فؤادي ما اســــــتطعتَ فإنَّهُ ـــــــــ
ســــــيكون مثلَ
الصَّخرة الصَّمَّاءِ
لا يعـرفُ الشَّــــــكوى الذليلَة والبكا
ـــــــــ وضراعَة
الأَطفـــــــالِ والضّعفاءِ
ويعيــــــشُ جبّـــــــــَاراً يحدِّق دائماً
ـــــــــ بالفجر، بالفجرِ
الجميــــــــلِ النَّائي
إِمـــــلأْ طريقي بالمخـاوفِ والدُّجى
ـــــــــ وزوابعِ
الأَشــــــــواكِ والحصباءِ
وانْشـــــر عـــليه الرُّعب وأثر
فوقه
ـــــــــ رُجُمَ الرَّدى وصواعقَ البأســــاءِ
سَــــأَظلُّ أمشــي رغمَ ذلك عـــازفاً ـــــــــ
قيثــــــــــــــــارتي
مترنِّماً بغنائي
أَمشــــــــي بروحٍ حـــــــالمٍ متَوَهِّجٍ ـــــــــ
في
ظُـــــــــــــلمةِ الآلامِ والأَدواءِ
النُّــــــور في قلبي وبيـــنَ جوانحي ـــــــــ
فَعَلامَ أخشى
السَّــــيرَ في الظلماءِ
إنِّي أنـــــــــا النَّايُ الَّـــذي لا
تنتهي ـــــــــ
أنغامُـــــــــــــهُ ما دام في الأَحياءِ
وأنــــا الخِضَمُّ الرحْبُ ليـــس تزيدُهُ ـــــــــ
إلاَّ حياةً
سَــــــــــــــــطْوةُ الأَنواءِ
أمَّـــــا إِذا خمـــدت حياتي وانقضى ـــــــــ
عُمُري
وأخرسَـــــــتِ المنيَّةُ نائي
وخبـــــا لهيبُ الكون في قلبي الَّذي ـــــــــ
قد عاش مِثْلَ الشُّـــــــعْلَةِ
الحمراءِ
فأنا السَّــــــــعيد بأنَّني
مُتحــــــــوِّلٌ ـــــــ
عن عــــــــــــالمِ الآثامِ والبغضاءِ
لأذوبَ في فجر الجمال الســرمديِّ ـــــــ
وأرتـــوي من مَنْهَـــــــلِ الأَضواءِ
وأَقـــــولُ للجَمْعِ الَّذين تجشَّــــــموا ـ
ــــــــ هَــــدْمي وودّوا لو
يخرُّ بنـــــــائي
ورأوْا على الأَشــــواكِ ظلِّيَ هامِداً ـــــــــ
فتخيَّــــــلوا
أَنِّي قضيْتُ ذمَـــــــائي
وغدوْا يَشُـــــــــبُّون اللَّهيبَ بكلِّ ما ـــــــــ
وجدوا ليشــــــوُوا
فوقَهُ أشـــــلائي
ومضَــــوْا يَمُدُّونَ الخُـــوَانَ ليأكلوا ـــــــــ
لحمي
ويرتشــــــــــفوا عليه دِمائي
إنِّي أقـــــولُ لهمْ ووجهي مُشـــرقٌ
ـــــــــوعلى شـــــفاهي
بَسْمَةُ اســـــتهزاءِ
إنَّ المَعــــاوِلَ لا تَهُـــــــــدُّ مناكبي ــــــ
والنَّــــــــــارُّ
لا تأتي على أعضائي
فارموا إلى النَّار الحشـائشَ والعبوا ـــــــــ
يا مَعْشَـــــــرَ
الأَطفالِ تحتَ سَمائي
وإذا تمرَّدتِ العَواصـــــفُ وانتشى ـــــــــ
بالهـــــــــــــــولِ
قلْبُ القبَّةِ الزَّرقاءِ
ورأيتمـــوني طـــــــــــائراً مترنِّماً ـــــــــ
فـــــوقَ الزَّوابعِ
في الفَضــاءِ النَّائي
فارموا على ظلِّي الحجارةَ واختفوا ـــــــــ
خَــــوْفَ
الرِّيـــــاحِ الْهُوجِ والأَنواءِ
وهناكَ في أمنِ البيــــوتِ تطارحوا ـــــــــ
غَثَّ
الحـــــــــــديثِ وميِّتَ الآراءِ
وترنَّمـــوا ما شــــــئتمُ بِشَـــــتَائمي ـــــــــ
وتجـــــــــاهَروا
ما شـــــئتمُ بعِدائي
أمَّــــــا أنـــــــــا فأُجيبكمْ مِنْ فوقكمْ ـــــــــ
والشَّـــمسُ
والشَّــــفقُ الجميل إزائي
مَنْ جَـــــــاشَ بالوحي المقدَّسِ قلبُه
ــــــــ لم يحتفــــــــل
بحِجَــــــــــارةِ الفَلتاءِ
فكرة عامة عن قصيدة: "نشيد الجبار أو هكذا غنى بروميثيوس"
*من القصائد التي ألهمتني في عالم التدوين والنشر قصيدة نشيد الجبار أو هكذا غنى بروميثيوس وما تحمله من دلالات وجدانية إنسانية.. وقد وضعت مقالة عنها أيضا في ويكيبيديا ثم موسوعة المعرفة تحت عنوان :
نشيد الجبار أو هكذا غنى بروميثيوس (قصيدة)