ويقول إطار معطل على مقصورة القطار لمراقب التذاكر: أنا هنا كُرها بدون تذكرة.. لأنّ لا شيء يعجبني!
فيقول
له مراقب التذاكر: انزل في هذه المحطة واصرخ وحدك كما تشاء! بعيدا عني وعن مهمتي
وعن قطارنا..
فينزل
الإطــار المعطل وهو يرى كل العالم معطلا في عينيه إلاّ عن القسوة والأنانية، فينتظر
قطارا آخر، ويمتطيه إلى المحطّة الأخيرة.
فيتجه
صوب البرلمان، ولا يجد أحدا غير الجدار العالي والمحروس بشتى البِدل العسكرية،
الخضراء والزرقاء والسوداء وحتى المُخملية..
وبإشارة
فوقية، تبدأ مطاردات بين الشوارع الملتوية، تمتطي صهوة الرياح في مدينة غريبة عن حنينه
وبواطنه العميقة..
ويعود
في المساء وتحت جُنح الظلام يجر خطواته متثاقلا على جسرٍ بعيــــد، وبجانبه يمرّ
قطارُ المدينة، وهو يتحدث لنفسه كئيبا وعلى ضوء خافت:
"لا
شئ غير الريح والظلام، ولا القنديل ولا الشمع ينير، لا شئ يعجبني"!
"محمد بوعلام عصامي"
إهداء إلى كل إطار معطّل
مناضل.
إلى صديقي درب النضال الحُميدي، وإلى كل الذين ينظرون إلى
الهروات والخوذات بعيون جامدة.