مختارات محمد بوعلام عصامي من ديوان شاعر الأسى وشاعر الحياة
هو شاعر الجبل الأخضر
أطلّ على الدنيا عام 1909 م في رحلة قصيرة
مع الحياة في تونس الشقيقة وفي فترة الإحتلال الاجنبي.
في عام 1929 نكب الشاعر بوفاة والده والذي بفقدانه خسر الرعاية الأبوية من أب صالح والمعيل الوحيد للأسرة حيث قال عنه :
" إنه
أفهمني معاني الرحمة والحنان وعلمني أن الحق خير ما في هذا العالم وأقدس ما في الوجود "
وبعد وفاة أبيه اضطلع بأعباء عائلة كبيرة.. واختار طريقاً صعباً في
البحث عن لقمة عيش كريمة ..وهو على رأس أسرتين: أسرته الكبيرة(أسرة والده) وأسرته الصغيرة، حيث أنه قد تزوج وفي ذات السنة أصيب بداء تضخم القلب الذي لم يقدر على معالجته لضيق ذات اليد.
وفي عام 1934 م تناوله الموت وهو في مقتبل العمر والشباب وعلى الرغم من ذلك فقد ترك لنا من المعاني الإنسانية
السامية ومن الرقة والشعر ما يرفع مكانته ويعلي قدره من بين أعلام الوطن المغاربي!
مهما تضاحكت الحياة فإنني أبداً كئيب
أصغي لأوجاع الكآبة، والكآبة لا تجيب
في مهجتي تتأوه البلوى، ويعتلج النّحيب
ويضج جبار الأسى، وتجيش أمواج الكرُوب
إنّي أنا الرّوح الذي سيظل في الدّنيا غريب
ويعيش مضطلعاً بأحزان الشبيبة والمشيب
تأمّل فإنّ نظام الحياة *** نظام دقيق بديع فريد
فما حبّب العيش إلا الفناء *** ولا
زانه غير خوف اللحود
ولولا شقاء الحياة الأليم *** لما
أدرك الناس معنى السعود
ومن لم يرعه قطوب الدياجير *** لم
يغتبط بالصباح الجديد
يا قلبيَ الباكي إِلام البُكى ؟
ما في فضاء الكون شيء يدوم
فانثُر غبار الحزن فوق الدجى
واسمع إلى صوت الشباب الرخيم
البؤس لابن الشعب يأكل قلبه *** والمجد والإثراء للأغراب
والشعب معصوب الجفون، مقسم *** كالشاة بين الذئب والقصاب
والحق مقطوع اللسان، مكبّل *** والظلم يمرح مذهب الجلباب
هذا قليل من حياة مرّة *** في دولة الأنصاب والألقاب
صل يا قلبي إلى الله، فإن الموت آت
صل فالنّازع لا تبقى له غير الصلاة
وربيعُ الشباب يذبله الدّهر *** ويمضي بحُسنه
المعبود
غير باقٍ في الكون إلاّجمال *** الرّوح غضا على الزمان الأبيد
والشقي الشقي من كان مثلي *** في حساسيتي
ورقّة نفسي
وأود أن أحيا بفكرة شاعرٍ *** فأرى الوجودَ يضيقُ عن أحلامي
إلاّ إذا قطعت أسبابي مع الدنيا *** وعشتُ لوَحدتي وظلامي
في الغاب، في الجبل البعيد عن
الورى *** حيث الطّبيعة والجمال السّامي
وأعيش عيشة زاهدٍ متنسِّك *** ما
إن تدنسه الحياة بذام
هجرَ الجماعة للجبال، تورّعاً *** عنها وعن بطش الحياة الدَّامي
تمشي حواليه الحياةُ كأنّها *** الحلمُ الجميلُ، خفيفةَ الأقدامِ
إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ
القَـدَر
وَلا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ
يَـنْكَسِـر
وَمَنْ لَمْ يُعَانِقْهُ شَوْقُ الْحَيَـاةِ تَبَخَّـرَ في جَوِّهَـا وَانْدَثَـر
أبوالقاسم الشابي
صور وأبيات من انتقاء المدوِّن "محمد بوعلام عصامي"
*************************************************************************************************
رابط ملحق:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
كل منا يسعى بدون حواجز أن يكتب ويقول ما يشاء.
في تعليقك هنا اكتب ما شئت وعبّر عما شئت.. واعلم أن كلماتك تعبر بشكل أو بآخر عما لديك في ضميرك وعقلك وقلبك..
تقول الحكمة القديمة: تكلم حتى أراك!
مرحبا..