2012/08/06

محمد رويشة أغنية إناس ناس ونفحات من الوطن



محمد رويشة

تذكرني ألحان هذه الأغنية رائعة "إناس ناس" بتلك الجلسات الأخوية الإنسانية والثقافية التي غالبا ما يؤثثها كؤوس الشاي أحيانا وعلب الجعة الخفيفة أحيانا أخرى بين طلاب وأطر المغرب المعطلة، التي كانت تناضل في الرباط وسلا المجاورة، منهم منضمون لحركة 20 فبراير ومنهم محايدون نضالهم اجتماعي خبزوي براغماتي.. المهم هو الحوار حوار الآراء المستقلة.. وكان يعجبني كثيرا أن  أجالس وأحاور طلابا من الطراز العالي بمستوى الإجازة والماجستير والدكتوراة من مناطق مغربية مختلفة، نحتسي أكواب الشاي وفي الاحباط والصغوط يحتسي بعض الأصدقاء اليساريين الأحرار والمستقليين بما فيهم اللبيراليين الثوريين الجعة فيشتغل عقلهم وينطلقون بالتعبير عن الأفكار المختلفة السياسية الثورية الرافضة للعبودية في المغرب أو العلمية في نقاش نظرية التطور والتحاليل السيوسيولوجية التي يتم إسقاطها على المجتمع المغربي في سيكولوجية الإنسان المقموع.. كنا  نتقاسم رغيف التضامن في أجواء متميزة يسودها فكر راقي  على أكواب ودخان بعضها لفافات التبغ من النوعية الرّديئة، وبعضها من الحشيش يتعايش المثقفون رغم الاختلاف فمنهممنطلقون ليبيراليون ومنهم يساريون.راديكاليون ومنهم محافضون .. ولكن المأساة مأساة العطالة والتمييز الطبقي والعنف ضد الإنسان البسيط الدي لا ينتمي إلى دائره النفوذ أو الزونية وما يدور في فلكها من قوادات.. 
حوارات كانت جميلة وغالبا على أنغام موسيقى محمد رويشة وناس الغيوان بصوت بوجميع والعربي باطما ومارسيل خليفة والشاب حسني عندما يتحدث أحدهم عن محبوبته والمصير الصعب..  كان يعجبني  نقاش النظريات المختلفة، البيولوجية والفيزيائية والفلسفية والسيّاسية..  كل على طريقته ونظرته المختلفة للأشياء والحياة ككل، والرياح التي تدور وتحلق حول سفينة الوطن.
وعلى أنغام موسيقى الأطلس في رائعة "محمد رويشة"  بعنوان "إناس ناس" أحببت ان أنقل على مدونتي الخاصة أنغام هذه الأغنية، التي لن تحلق بي إلى أنغام وتراب الأطلس ونسمات المغرب البعيد التي تتجذر في عروقه العميقة، وتذكرك بالأحرار الأوائل الذين نبعوا من تراب هذا الوطن المغربي الجريح.

كل دعواتي الخالصة إلى فقيد الفن والتراث المغربي الأصيل "محمد رويشة" الإنسان المتميز بأخلاقه وتواضعه وبساطته التي تظهر في فنه تغذيها الوترة التي تغوص في النفس، كالصدى العائد من شلال الجبل.
وبدوري أنشر هذه الأغنية في ذكرى أصدقائي من الأطر العليا المناضلة من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية، أصدقائي الذين يرفعون دوما شعار الكرامة للمواطن، والحرية والديموقراطية للمواطن المغربي، ديموقراطية حقّة، وأكثر من ذلك شعار المساواة.. وإعادة الاعتبار لكرامة المواطن المغربي التي اندست بسبب الفساد والديكتاتورية وأيام الرصاص..عهد كان ينبغي أن يكون عهد البناء ولكنه تحول الى عهد الرصاص والخراب والفرص الضائعة الثمينة في ظرفيتها والتي لا تعوض..
يجب إعادة الإعتبار الى المواطن المغربي، بتلك الحقوق التي تحفظ كرامته كما يستحق.
كرامة يستحقها ذلك المغربي الذي كافح دوما من أجل تراب وحرية هذا الوطن، وعاش حالما بيوم الشروق وحلول أيام الحرية والكرامة الإنسانية، لينظر في وجه الشمس، تماما كما عهدنا فتى المغرب دوما، عنيدا من أجل الحرية والكرامة الإنسانية وبعيون قويّة ودون أن يخشى الظلام.

إليكم جميعا سأتذكر دوما تلك اللحظات التي كانت تجمعنا كل مساء على رغيف التضامن ونحن نسمع ونتذوق نسيم الوطن على أنغام أوتار "محمد رويشة"... أنغام وكأنها تنادي بين فجاج الأطلس العميق: ها نحن هنا وهذا وطننا، فلا عشنا ولا عاش الوطن إن كانت الحياة كحياة القطيع.
__ ______ _______  
"محمد بـوعلام عصامي"